يحيل عنوان الوان مان شو “كياس ولاباس” مباشرة إلى قصة واضحة المعالم تتخذ من الحمام بيئة لها، فـ”الكياس” معروف في المجتمع الجزائري، فعمله مرتبط بالحمام، وتتعدد الوجوه والأجساد عليه ولكن مكانه ثابت.
“كياس ولاباس” العمل المسرحي الذي كتب نصه أحمد رزاق وأخرجه عبد الغني شنتوف وجسده ركحيا الممثل فوزي بايت، وموسيقى كريم مرابط وإنتاج مسرح الصخرة السوداء لبومرداس، تم عرضه في برنامج خارج المنافسة في الدورة الـ 14 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، يلخص حالة حب من طرف واحد يعيشها “الكياس العياشي” الذي يخاف من البوح بمشاعره للمرأة التي التقى بها في الحافلة، ومن حينها وهو في صراع مع ذاته لأنه عاجز على كتابة رسالة لفتاة أحلامه.
نار الحب من جهة ونار الخجل من طبيعة المهنة من جهة أخرى، صراعات نفسية يحاول “العياشي” التغلب عليها، وفي كل مرة يحاول أن يخطو خطوة إلى الأمام ليكسر حاجز الخوف، تنتابه الهواجس وتجعله يتراجع بسبب مهنته، فمن منظوره لا يمكن لـ”رمانة” القبول به لأنه “كياس”.
مقاربة اجتماعية ونفسية وسياسية يعالجها العمل المسرحي، فحالة “العياشي” مثال لما يعانيه الإنسان البسيط في الظل، الإنسان الذي صار يخجل من مهنته الشريفة ولا يجرؤ حتى على التقدم لخطبة فتاة أحبها، الإنسان الذي يفضل بيئة رطبة ويخاف من النور، حالات كثيرة تتلخص في قصة شخصية البطل.
يتنقل الممثل فوزي بايت من حالة لحالة بسلاسة كبيرة، تعكس قدرة التحكم في الدور، ويتلاعب بالكلمات رغم كثافة الحوار وكثرة الحركة على الخشبة، خاصة في مشهد الحافلة حيث يزداد إيقاع العمل والحركة في آن واحد، ويتطلب حضورا ذهنيا قويا للممثل، ناهيك عن مشهد التصالح مع الذات للشخصية التي قررت الانتفاضة ضد كل ما يهين “الكياس” وأن يواجه النظرة الدونية للمجتمع اتجاهه، باستحضاره لجمل قوية “الحمام فلسفة، العالم حمام كبير، الكياس لا يخدع ولا يتاجر بالسلاح ولا يبيع المخدرات.”
فيصل شيباني