“همزة وصل” تشرّح تجربة المسرح الجزائري نقديا

انطلقت صبيحة يوم السبت 12 ديسمبر 2020، أشغال اليوم الأول من ندوة “همزة وصل ..نقد التجربة حول المسرح الجزائري”، التي ينظمها المسرح الوطني الجزائري “محي الدين بشطارزي”، بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح “الشارقة”، والتي ستتواصل أشغالها على مدار ثلاثة أيام.

تم افتتاح أشغال الندوة بكلمة المدير العام للمسرح الوطني الجزائري، محمد يحياوي، الافتتاحية التي أكد فيها أن حلول ندوة “همزة وصل” على الجزائر في طبعتها السابعة، يعبر عن “قناعتنا الصادقة بضرورة التعاون والتآزر أكثر من أي وقت مضى من أجل التوثيق لتجربتنا المسرحية العربية والمحلية ونقدها، قصد تقييمها والنهوض بها”.

مضيفا أن هذه الندوة “تأتي في ظل جائحة كورونا، ورغم الإكراهات التي دفعتنا إلى تأجيلات متكررة، كان إيماننا نحن وإخوتنا في الهيئة العربية للمسرح أقوى وأكبر من هذه المعيقات، وجاء الوعد أخيرا ليدافع عن رغبات الباحثين والمبدعين وأحلام رواد المسرح الجزائري، وكان هذا الوصل الفني بمثابة الإعلان عن وحدة الطموحات والأحلام. وسيكون الحوار والنقاش دليلنا ونهجنا إلى معرفة تكشف عن رؤى إبداعية متطورة وحداثية…”

متمنيا أن “يطرح هذا الموعد الفني العربي الكبير، الأسئلة الجوهرية في المسرح الجزائري، ويقدم التفكير الحي حول تجربة متنوعة وغنية تشكل للباحثين والدارسين مادة لمطارحات نقدية بناءة ومتميزة”. 

ومن جانبه استعرض الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، إسماعيل عبد الله، خلال كلمته لقاءات مسرحية جمعته بأهل المسرح في الجزائر، ومشاركات هؤلاء في مختلف الأنشطة التي تنظمها الهيئة العربية إلى جانب تتويجهم بجوائزها، مشيرا إلى العمل ” منذ العام 2018 بفضل التعامل المثمر مع وزارة الثقافة والفنون وإدارة المسرح الوطني الجزائري، على كسر هذا الغياب الفعلي بالاتفاق على تنظيم هذه الندوة الهامة التي تعتمدها الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية وهي ندوة همزة وصل نقد التجربة والتي تم تنظيمها في الإمارات، السودان، الأردن، المغرب، مصر وتونس..” غير أن مجموعة من العراقيل واجهت ذلك وأبرزها الحالة الوبائية التي يعانيها العالم مؤخرا، مضيفا بالقول “اليوم وبعد هذه الانفراجات التي منّ الله بها علينا ها نحن نتحدى الوباء اللعين ونعلن من أرض المليون شهيد، عن انطلاق قطار الثقافة والفنون مجددا من خلال هذه الندوة الفكرية المميزة على أمل أن تعود الحياة إلى الخشبات في أقرب الآجال ليحيا المسرح كما ألفناه، يفعل فينا فعله ويتفاعل معنا ومع غيرنا بالتقارب والتلاقي والمحبة” وأضاف الأستاذ إسماعيل عبد الله، أن ندوة همزة وصل ” التي تقام بالتعاون بين الهيئة العربية للمسرح والمسرح الوطني الجزائري، بإشراف وزارة الثقافة مناسبة للتأكيد على استمرار التعاون البناء والمثمر… كما أنها فرصة لنفض الغبار عن الإرث المسرحي الكبير الذي تزخر به الجزائر على مستوى الأسماء والتجارب”.

أما ممثلة وزير الثقافة والفنون، المديرة المركزية الدكتورة جميلة مصطفى الزقاي، فقد صرحت خلالها قراءتها لكلمة السيدة الوزيرة مليكة بن دودة، أن الفضل في هذه الإضاءات التي ستلقيها ندوة “همزة وصل” على مسيرة التجربة المسرحية الجزائرية التي تناهز القرن، يعود “لأصحابه بشارقة الإبداع الثقافي والفني، وبخاصة سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي جاد بهيئة مسرحية عربية قدمت ولا تزال دررا من المزايا والعطايا للمسرح العربي. وهاهي اليوم بمعية صرح عتي من صروح مؤسستنا الثقافية “مسرح محي الدين بشطارزي” تجمعنا للحفر في ذاكرة المسرح الجزائري ماضيا وحاضرا، سعيا منها لاستكمال خارطة المسرح العربي، مناشدة استكمال حلقاته… فلها جميل العرفان والثناء”.

كما جاء في كلمة وزيرة الثقافة والفنون، أن “اهتمامكم بالتجربة المسرحية، يأتي في ظل تحديات راهنة باتت تختبرالعقل العربي، والإنسان العربي الذي أصبح يعيش تجربة غير مسبوقة في صناعة السؤال في خضم الحيرة المريرة، أمام وجهة المصير المشترك المثير لمخاوف شتى، راحت تطرح نفسها بقوة على النخب العربية في مثل هذه اللحظات المشرعة على أسئلة يسكنها القلق والتوجس” .. متسائلة عن “الذي يمكن أن نستخلصه من دلالات من التجربة الجزائرية في الممارسة المسرحية؟ والتي لم تأخذ حقها في الجزائر وخارجها من البحث والدراسة والتنقيب والمساءلة والتأمل”.

مضيفة أن ” تجربة مسرح بشطارزي الحداثية مدعمة برفاقه … تذكرنا أننا أمام تجربة تستحق أن تكون مصدر إلهام في مواجهة ثقافة الاستسلام، وفن الإذعان لسياسات الأمر الواقع التي تسعى لاستئصال روح الاستقلال والحرية، ودمجنا في هذا الطريق المرسوم من قبل القوى التي تريد أن تجعل من عالمنا جسدا بدون روح…”

وعبرت الوزيرة في ختام كلمتها التي أعطت إشارة انطلاق ندوة “همزة وصل.. نقد التجربة-الجزائر”، عن سعادتها “بفتح باب الحوار الثري لمسار أبي الفنون بالجزائر، ليس لإعادة إنتاج التاريخ وأنتم تسائلون الذاكرة، لكن للحفر في أخاديده في سبيل مستقبل غير مملى علينا، وغير مفروض كقدر وقح وغبي، يحض على الاستسلام، بل كتحريض للذات والعقل من أجل ابتكار حاضر دال على مستقبل متعدد ومفتوح، مستقبل متحرك وغير ثابت ومتحجر”. آملة النجاح والتألق لهذا المحفل المسرحي.

شهد اليوم الأول من “همزة وصل الجزائر”، عددا من الجلسات العلمية التي تناولت عديد المحاور، وقد أثرى النقاش خلالها أكاديميون وممارسون مسرحيون، أمثال أحسن ثليلاني الذي خاض في موضوع “المسرح والثورة الجزائرية ..الرؤية والتشخيص”، وعبد الكريم بن عيسى، الذي فصّل في “ظاهرة آيراد..فعل التأريد المسرحي”، وذلك في الجلسة الأولى المعنونة بـ “التأريخ للحركة المسرحية بالجزائر”، والمنعقدة خلال أول محاور الندوة الذي سلط الضوء على “تاريخية المسرح بالجزائر” برئاسة الدكتور، محمد بوكراس.

أما ثاني جلسات هذا المحور والتي دار النقاش فيها حول “التأريخ للحركة المسرحية بالجزائر”، وترأستها الأستاذة، سمية بن عبد ربه، فقد أثرى نقاشاتها كل من الأستاذ محمد كالي والفنان عمر فطموش، الأول بتعريجه على “المسرح الجزائري الناطق بالفرنسية..إشكالية غنيمة حرب”، والثاني باستعراضه “التيارات الرئيسية للتأثيرات الجمالية التي بصمت المخرجين المسرحيين الجزائريين خلال الفترة الثانية من القرن العشرين”.

ليأتي المحور الثالث محملا بـ “أسئلة الكتابة المسرحية”، التي أثْرت النقاش حولها أسماء بارزة، أدارت جلستها العلمية من خلال مواضيع متعددة، استهلها الدكتور، عبد القادر بوزيدة الذي خاض في “الاقتباس والترجمة في المسرح الجزائري”، ليعتلي المنصة عقبه الدكتور شكيب بن عفري، متتبعا “أثر الثقافة العثمانية في الجزائر من خلال مسرح الطفل”.

كما شارك في هذه الجلسة المترأسة من طرف الدكتور حميد علاوي، كل من الدكتور رشيد بوشعير، والدكتور سعيد بوطاجين، عبر تقنية الزوم، حيث خاض الأول في “لغة المسرح الجزائري..مفارقات سيميولوجية”، أما الثاني فاستعرض تفاصيل وخبايا “ترجمة مسرح كاتب ياسين”.

وبمجموعة من المداخلات والأسئلة والتعقيبات، التي أثرت النقاش، اختتم الحاضرون الجلسات العلمية لليوم الأول من ندوة “همزة وصل ..نقد التجربة – الجزائر” التي نشطها منسق الندوة الأستاذ عبد الناصر خلاف.

شاهد أيضاً

برنامج الأعمال المسرحية للمسارح الجهوية بقاعة العروض “مصطفى كاتب”

تحت إشراف السيد وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة صورية مولوجي وفي إطار الإحتفالات بسبعينية إندلاع الثورة …