ندوة” المسرح في معترك المقاومة” تجارب وأسماء أرخت لذاكرة المسرح الجزائري

في إطار البرنامج المرافق لفعاليات الدورة 17لمهرجان المسرح المحترف، احتضن فضاء أمحمد بن قطاف ندوة بعنوان” المسرح في معترك المقاومة والتحرير” نشطها كل من عبد الناصر خلاف، أحميدة العياشي وإبراهيم نوال تحت إدارة الدكتور عبد الحميد علاوي.
استعرضت الندوة تجارب عدد من الأسماء المسرحية في الجزائر على غرار مصطفى كاتب، كاتب ياسين، علال المحب، ومحمد التوري.
توقف عبد الناصر خلاف في مداخلته التي أسماها “ثورة العجاجبية” إلى ظاهرة الأسماء المستعارة التي كان يعتمدها المسرحيون تحت ضغط النظرة الدونية للمجتمع الذي كان يرى الممارسة المسرحية إهانة وعيب لاسم العائلة، لهذا كان أغلب الفنانين يخرجون أسماء عائلاتهم من محيطهم المهني. كما توقف خلاف عند دور هذه الأسماء في النضال من أجل الاستقلال الوطني، حيث كانت ساحة الأسواق الشعبية والمقاهي خشبة ثانية للشعب الجزائري في مقابل الأوبرا التي كانت حكرا على البرجوازية الأوروبية، وأكد خلاف في السياق أن التجربة المسرحية الجزائرية لم تبدأ مع فرقة جورج أبيض في 1921 كما يؤرخ لها البعض، لكنها تمتد إلى حلقات القوالين والمداحين وعروض الأسواق والمجالس الشعبية وهي التجربة التي تستحق أن نستعيدها اليوم بعدما غيبتها المركزية الغربية.
استحضر خلاف ثلاث أسماء هي محمد الثوري وعلال المحب ومحمد الحبيب رضا، وقال خلاف في هذا السياق إن محمد الثوري تعرض للتعذيب في سجون الاستعمار الفرنسي بل عذبت زوجته بحضوره وقد رحل التوري لاحقا بآثار التعذيب التي سممت جسده لسنوات، ودعا المتحدث إلى منح التوري صفة الشهيد لأنه يستحق ذلك.
وفي السياق ذاته، توقف عبد الناصر خلاف عند تجربة محمد حبيب رضا الذي كان أول من لحن الأوبريت فقد كان ضمن المناضلين بمعركة الجزائر رغم أنه قلما يذكر اسمه، ومثله علال المحب الذي كان سببا في انتماء أحد الأوروبيين إلى صفوف القضية الجزائرية بعد ورشة قدمها في باريس، حيث تحدث أحد حملة الحقائب الملقب بجون لويس عن دور علال المحب في حسم موقفه لصالح الثورة الجزائرية. وختم خلاف مداخلته بالدعوة إلى استعادة هذه الأسماء والتأريخ لها لأنها حجر الأساس في بناء ذاكرتنا المسرحية.
من جهته، عاد احميدة العياشي إلى مسرح كاتب ياسين، مستعرضا ما أسماه بثورة الجماليات عند ياسين من خلال تحطيمه للأشكال التقليدية في الكتابة والممارسة المسرحية، حيث اتسم النص الياسيني بتداخل الأجناس الأدبية بين الرواية والشعر والسرد وأضاف أن ياسين كان مقاوما لأشكال البنى الثقافية التي فرضت نفسها بداية من نمط الثقافة الكولونيالية.
واغتم احميدة فرصة الحديث عن مسرح كاتب ياسين لاستعادة جزء من ذاكرة هذا الرجل فقد عُرف عنه بُعد النظر والمواقف البعيدة عن النظرة الضيقة، على غرار موقفه من الثورة الإيرانية فرغم أنه يساري التوجه لكن هذا لم يمنعه من مناصرة الخميني، وكذلك موقفه من الثورة الفلسطينية وقد ترك ياسين أعمال عديدة تحمل بصماته الثورية التي سجلها في دمج مختلف الأشكال الابداعية على غرار” الرجل ذو النعل المطاطي” و”فلسطين المغدورة” وغيرهما.
وفي سياق مماثل استعرض إبراهيم نوال جزء من تاريخ أحد عمالقة  الخشبة الجزائرية مصطفى كاتب الذي اعتبره مناضلا من الطراز الرفيع عبر ثلاث مراحل أساسية هي مرحلة ما قبل التأسيس لفرقة جبهة التحرير في  1958ثم فترة من 1958 إلى 1962 وأخيرا ما بعد 1963، وأوضح نوال أن مصطفى كاتب الذي ينتمي إلى عائلة شريفة أدرك مبكرا أهمية التكوين فأسس فرقته  هو في سن العشرين، حيث كان من الرعيل الأول الذي ساهم في التأسيس لمسرح وطني وخاض مصطفى كاتب النضال عبر المسرح قبل فرقة جبهة التحرير حيث شارك عبر فرقته الهاوية “المسرح الجزائري”  في عديد المهرجانات بأروبا الشرقية، من براغ الى فرسوفيا وموسكو  ومن هنا جاءته فكرة فرقة جبهة التحرير التي نفذها لاحقا بطلب من قادة الثورة، ثم خاض مصطفى كاتب في مرحلة لاحقة 1957/ 1962 النضال من أجل التأسيس لمسرح وطني نضالي فقد أعمالا يؤكد هوية الشعب الجزائري وتدعم القضية الوطنية على غرار “أبناء القصبة”، و”الخالدون” وغيرها.
ثم جاءت مرحلة ما بعد الاستقلال التي كان فيها مصطفى كاتب مناضلا من نوع آخر سواء عندما كان مستشارا للوزير محمد الصديق بن يحي أو عندما كمان منتخبا في المجلس الشعبي لولاية الجزائر، حيث كان كاتب مقتنعا بأهمية ودور التكوين  فكان وراء إنشاء كونسرفتوار ولاية الجزائر كما أعطى إشارة انطلاق بناء 5 مركبات ثقافية عبر العديد من أحياء العاصمة.

شاهد أيضاً

الاحتفالية الخاصة بمناسبة اليوم العالمي للمسرح