مذكرات “محي الدين بشطارزي” ذاكرة المسرح في الجزائر

تعد مذكرات أب المسرح الجزائري “محي الدين بشطارزي” (1897-1986) واحدة من أهم النصوص التاريخية المتعلقة بالحياة المسرحية الجزائرية المعاصرة، كما تشكل وثيقة تاريخية مهمة للباحثين في التجربة الفنية في الجزائر، وهي ذاكرة عن حياة مجتمع يتفاعل مع الفرجة والحياة الثقافة والفنية.
المذكرات التي استفاد منها أجيال من الباحثين والمهتمين بالمسرح في الجزائر والخارج، مقسمة إلى ثلاثة أجزاء، وصدر الجزء الأول منها عن المؤسسة الوطنية للكتاب عام 1968 ثم صدرت بقية الأجزاء نهاية السبعينات مثلما تؤكده مقدمة المؤلف المؤرخة عام 1978. وهو في عمره الثمانين، وقد أعيد طبع هذه المذكرات بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال عام 2012، في انتظار أن يلتفت إليها المهتمون لترجمتها إلى العربية مستقبلا.
المذكرات التي تمّ تحريرها من طرف محي الدين بشطارزي رفقة المسرحي الفرنسي جاكي ديبواني، وقدمها الفقيد صلاح الدين بن الشنب عميد كلية الآداب بجامعة الجزائر(1964-1968) ، ونجد أن جزئها الأول المخصص لفترة 1919-1939، يتوزع على 500 صفحة…..وتشكل هذه المرحلة مختلف التحولات والحالات التي عرفتها الجزائر ابّان الاحتلال الفرنسي وعلاقة المجتمع الجزائري عامته ونخبه بالفرجة المسرحية والفنية عموما، كما خصص المؤلف في هذا الجزء من الكتاب دراسة مطولة ومعمّقة حول المسرح في البلدان الإسلامية في تلك الفترة.
أما الجزء الثاني فيمتد من عام 1939 الى غاية عام 1947 وهو موزّع على شقين يمتدّ الثاني من عام 1947 الى غاية عام 1951 وموزع على 317 صفحة ملحقة بمجموعة كبيرة من الصور.

وأخيرا، نجد الجزء الثالث من المذكرات وهو مقسم بدوره إلى ثلاثة أبواب يمتدّ الأول من فترة عام 1951 الى غاية 1956 والثاني من عام 1956 الى غاية 1962 والباب الثالث الأخير من عام 1962 الى غاية عام 1974 وموزّع على 376 صفحة ملحقة بالصور.
وتعتبر مذكرات محي الدين بشطارزي من أهم الإصدارات المتعلقة بالحركة الفنية في الجزائر، خاصة أنّ الفقيد كان شاهدا وفاعلا متميزا في مختلف هذه المراحل.
وللتذكير فقد ولد الفنان بشطارزي محيى الدين في 15 ديسمبر 1897 بالقصبة بالعاصمة أين بدأ مسيرته “كحزاب” أي مقرئ للقرآن الكريم في ال15 من عمره قبل أن يصبح بفضل صوته الجميل “باش حزاب” أي رئيس مقارئ للقرآن وهو في ال21 سنة من العمر، و أصبح عقب ذلك مؤذنا بمسجد “الجامع الجديد ” بالعاصمة قبل أن ينخرط في جمعية “المطربية” التي أصبح رئيسا لها سنة 1932 .
و قد منحه نشاطه بالجمعية فرصة التوجه إلى فرنسا ليصبح كأول مؤذن بمسجد باريس لدى تدشينه سنة 1926. وبالموازاة مع نشاطه في الحفلات والمدائح الدينية بالمساجد التحق بالمسرح سنة 1922 للمشاركة في مسرحية “في سبيل الوطن” في الوقت الذي كان يكتب فيه أول مسرحية له بعنوان “العلماء المزيفين”. وتسبب توقفه بعد ذلك عن أداء الأغاني الدينية لأداء بعض الأغاني العاطفية في مقاطعة اهله له. وعاد الفنان محي الدين بشطارزي بعد اعتلائه منصب مدير القناة الموسيقية العربية لمدة سبع سنوات إلى ميدانه المفضل المسرح ليؤسس فرقته الخاصة “المسرح العربي” سنة 1930 وعرفت عروضه شهرة كبيرة. وعقب الاستقلال أصبح الفنان مديرا للمعهد البلدي للفنون” بالعاصمة خلال الفترة الممتدة ما بين 1965 و1974 تمكّن خلالها من كتابة عدة قطع موسيقية هامة. توفي محي الدين بشطارزي في 6 فيفري 1986 بالعاصمة عن عمر يناهز 88 سنة.

 

 

شاهد أيضاً

الذكرى الثلاثين لإغتيال الفنان المسرحي الراحل ” عز الدين مجوبي”

الذكرى الثلاثين لإغتيال الفنان المسرحي الراحل “عز الدين مجوبي” في الذكرى الثلاثين لإغتيال الفنان المسرحي …