محمد بودية

محمد بودية (24 فيفري 1932 – 28 جوان 1973)

مسرحي -إعلامي-

وُلد “بودية” في 24 فيفري 1932 في حي باب الجديد بأعالي العاصمة، تأثر منذ صباه بالتيار الوطني واهتمّ بالمسرح، فالتحق بالمركز الجهوي للفنون الدرامية عام 1954، وساعده احتكاكه المبكّر بمواطنه “مصطفى غريبي” على الاندماج في عالم المراكحات، حيث حضر بقوة في عدة أعمال مثل “نحو النور”، “أولاد القصبة”، “الخالدون”، وغيرها.
بالتزامن، أسهم تشبع الفقيد بالروح الوطنية منذ نعومة أظافره، في انخراطه مبكّرا في العمل الثوري ضدّ المحتل الفرنسي، وسجّل ابن حي القصبة الشهير حضوره في المنظمة المدنية لجبهة التحرير بالجزائر العام 1955، قبل أن يُصبح عضواً دائماً في اتحادية فرنسا لجبهة التحرير الوطني، حيث مارس مهمات نضالية عديدة في باريس ومرسيليا سنة 1957، وشارك في عدة عمليات فدائية جُرح في إحداها، وكانت أكثر عملياته شهرة هي تفجير أنابيب النفط في مارسيليا (25 أوت 1958) التي اعتقل على اثرها وأدين بالحبس 20 عاماً. وأسّس بودية فرقة مسرحية في سجنه بباريس، قبل أن ينجح في الهرب من السجن عام 1961، ويلجأ إلى تونس، كما عمل في فرقة المسرح التابعة لجبهة التحرير الوطني.

وفي جانفي 1963 أصبح  متصرفا اداريا بالمسرح الوطني الجزائري، وكان من الموقّعين على البيان التأسيسي الشهير، بالتزامن، أسّس “بودية” جريدتي “نوفمبر” و”الجزائر هذا المساء”، كما أطلق مسرح الشباب مع مجموعة من الفنانين بشارع الحريشات وسط العاصمة، أين اهتمّ بتنمية مسار التنشيط المسرحي، مثلما تولى إدارة معهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان الذي ساهم في تأسيسه رفقه صديقه “مصطفى كاتب”، إذ أعدّ الثنائي الكثير من الأعمال الفكرية التي منحت زخماً هائلاً استفاد منه ناشطوا الفن الرابع لاحقا.
ولا يمكن الحديث عن بودية، دون التنويه بأدواره في تفعيل الرعيل المسرحي الأول في أواسط خمسينات القرن الماضي، حينما أسهم في اكتشاف عدة فنانين خدمة للقضية الجزائرية الأمّ، ولعب دورا بارزا ومهّمًا في التعريف بالقضية الجزائرية وبمعاناة الشعب الجزائري ابان فترة الاستعمار وايصالها الى كل بقاع العالم.
وقاد بودية الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، التي جابت دولاً عربية وغربية، وضمّت آنذاك كبار رجالات الخشبة في مقدمتهم مصطفى كاتب وسيد علي كويرات، وعبد الحليم رايس، يحيى بن مبروك وغيرهم.

ويعدّ “محمد بودية” مسرحيا فذا اغتاله الموساد بعد مسيرة طويلة أبدع فيها الرجل بنضالات مازج فيها بين الثقافة والسياسة، وزاوج بين المسرح والثورة في قالب فريد، ما جعل منه فنانا نادرا مهد بكفاحاته للمسرح الطليعي

بودية الذي كتب مسرحيتي “الزيتونة” و”الميلاد”، ارتضى عدم الاكتفاء بدور المكافح على الخشبة، حيث نفذ عدة عمليات لخدمة القضية الفلسطينية التي آمن بها وتشبّع بتعاليمها، لذا لم يتردد في التضحية بالنفس والنفيس، وتلقين العالم أروع عبارات الدفاع عن الأمة الفلسطينية والذود عن حريتها، على نحو جعل جهاز المخابرات الإسرائيلية “الموساد” يتعقبه باستمرار إلى غاية اغتياله في مخطط غادر، حيث جرى تفجير سيارة محمد بودية بوسط مدينة باريس صباح 28 جوان 1973.

 

 

 

شاهد أيضاً

عبد الرحمان بسطانجي (طه العامري)

ممثل – مدير سابق للمسرح الوطني الجزائري عبد الرحمان بسطانجي المعروف باسم (طه العامري) ممثل …