تنشيط أ. صفاء البيلي / جمهورية مصر العربية
– ما المسوغات التي كانت من وراء ظهور هذا الفن الركحي، واسقلاله عن الشائع العام في فن المسرح؟
– وأي الأسباب التي تقف وراء ظهور هذا الفن الأدائي على خشبة المسرح العربي؟
– و كيف بدأت الدعوة لهذا الفن حتى يجد مكانه كنوع مستقبل بجوار العروض المسرحية الأخرى:
– استعراضية، غنائية، إيمائية، حركية… إلخ. ؟
– أي المقومات على الممثل أن يتحلى بها في تأدية الدور بالمونودراما؟
أسئلة أُثِّثَ بها منتدى المسرح الوطني الجزائري (TNA Forum) فيعدده حول “فن المونودراما” بتنشيط الكاتبة وباحثة المسرح أ. صفاء البيلي من جمهورية مصر العربية، حيث استهلت إشكاليتها بإجرائية المصطلح المرتبط بتصنيف عرض المونودراما، حيث أشارت إلى أنّ فن المونودراما هو فن البوح ويقال عنه أنّه فن الملل والإملال، وأنّه فن الجنون وفن النخبة الكريهة، في حين يعتقد البعض أنه فن الممكن والرخيص والمتاح، وآخرون قالوا إنه فن نسائي اعتقادا أنه يعتمد فقط على الثرثرة والحكي والبوح!!!
موضحة على أنه بعيدا عن أية مسميات تظلّ المونودراما هى الفن الممتع والوحيد الذي يمنح مؤديه لذة التفرد على ساحة المسرح التي تشبه إلى حدٍ كبير ساحة حياته المليئة بالأسرار، كما يلتقي مع المتلقي/الجمهور في نقطة التقاء مشابهة، حيث يشعر أن هذا الكائن المشتعل أمامه على المسرح ليس إلا ارتدادا لما يعيشه هو من لحظات تحوّله وجنونه وعقله انطلاقه واكتئابه!… ومعللة ذلك على أّنّه الفن الذي يغوص في أعماق النفس البشرية ويثير مناقشات عقلية حول العديد من المشاكل التي يعيشها البطل/الجمهور.
وحول إشكالية المصطلح رأت الكاتبة صفاء على أنّ الدلالات التي تطلق على فن المونودراما كثيرة بل أحيانا مباينة تبعا لاختلاف آراء متعاطيها كتابة تمثيلا واخراجا، حيث ترى أنّه لم يوجد من النقاد حتى الآن من وضع لها أسسا ومدارس أو قواعد محددة كما حدث مع فنون المسرح الأخرى، بدليل أنّه أحيانا لا يفرِّق البعض بين المونولوغ والمونودراما، ويطلقون على أي عمل “مونودراما” تسمية “مونولوغ” لمجرد أن البطل يظل يحدث جمهوره ويشكو مشاعره ويدخله معه في هوة الحكي وتفاصيل روحه “ساردا” أحد المواقف التي مر بها أو أثرت فيه وتأثر بها… وجول تمظهرات المونولوغ فقد بينت على أنّه قد يكون “مغنى” تراجيديا أو كوميديا نلحظ وجوده بشكله الغنائي الدرامي الخالص في بدايات اختراعه، ثم تطور في مصر على يد “ثريا حلمي” و”إسماعيل يس” و”محمود شكوكو”، في حين ذكرت على أنّ المونودراما كفن مكتمل تختلف اختلافا كبيرا عن المونولوغ ولكن ما حدث هو شيوع اللّفظ وانتقاله دلاليا من مفهومه إلى مفهوم آخر، وهو المونولوغ الذي يعد جزء لا يتجزأ من تكوينات المونودراما.
وقد رأى بعض المتدخلين على أنّ المونودراما تحتم على الفنان الاهتمام بالخلاص الفردي على الخلاص الجماعي لهذا يغرق في الذات متناسياً المحيط الواقعي مما يترتب عن عدم استكمال عملية التلقي لدى المتفرج، حيث أكدّت ذلك صفاء البيلي موضحة على أنّ هناك دوما إشكالية في تلقي فن المونودراما لأن هذا الفن حتى وقت قريب لم يكن يعني بالضمير الشعبي الجمعي، نظرا لأنه يسعى للخلاص والتطهير الفردي الذاتي، لذا ومع تطور هذا الفن بات الكاتب الذي يبدع هذا النوع من الفن يضع نصب عينه الجمهور، فيبحث عن قضاياهم محاولا غزوهم حقيقة لا عملا بمبدأ اجتذابهم التجاري بالسعي إلى اللمحات الكوميدية لجذب الجمهور الذي هو ضلع أساس في العملية المسرحية…
وفي تدخل أ. د. مصطفى رأى أنه لا وجود لما يسمى مونودراما، بل ممثل واحد يتقمص أدوارا مختلفة يقتضيها تنوع الأحداث، معللا ذلك بجوهر المسرح هو الحوار الذي يعد خاصية ثابتة فيه، بمعنى أنه لا بد من وجود أطراف عدّة يتحاورون أو يتصارعون بشكل أو بآخر، والممثل يتحول من شخصية لأخرى حسب مقتضى الحال، في حين فإنّ اللجوء إلى هذا النوع من المسرح إلاّ حين يقتضى السياق ذلك، كأن يكون الممثل مثلا يعيش حالة عزلة أو جنون أو تذكر أو هذيان أو ما إلى ذلك، فالسياق هو الذي يفرض عليه أن يكون مفردا ما دام لا وجود لمن يحاور مباشرة. ففي ذات السياق أعادت الباحثة صفاء البيلي الذاكرة إلى أنّ فن المونودراما موجود ومؤصل في تاريخ الدراما المسرحية منذ اليونان على لسان الراوي ثسيبيس، إذ أنّه كثيرا من الدراسات أحالت وجوده إلى القرن 18 على يد رائد فن المونودراما الممثل والكاتب المسرحي الألماني “جوهان كريستيان برانديز” وهذا كان ما بين عامي (1735-1799)، الذي أعاد الحياة لعربة ثيسبيس باستحضاره وإعادته في مسرحياته التي كان يقدمها بنفسه وبشخصية واحدة بمرافقة الجوقة… وعن عزلة الممثل في المونودراما ليعبر بذلك عن الذاتية الفردية والعزلة وعدم الميل للانتقاد مما جعله ذلك بعيدا عن الجماهير، وفي المقابل رأت أنّه بدأ يأخذ مكانه في المسرح العربي ويتألق في الجزائر أفضل من قدم المونودراما من الشباب كـ “هشام بو سهلة” وزوجته “سعاد مايا”…
– س. ب.