عادت المخرجة تونس آيت علي في عرض مع مسرح أم البواقي قدم ضمن العروض خارج المنافسة بمسرح الجزائر الوسطى في إطار برنامج الدورة الـ 17 من مهرجان المحترف.
اتكأت تونس آيت علي على سينوغرافيا ذكية لتطويع نصوص الروائية أحلام مستغانمي فوق الخشبة، كون نصوصها تلعب على وتر اللغة وجمالياتها أكثر مما تقترح قصة وأفعال مما يجعل اقتباس نصوصها عملية صعبة ومضنية.
مرايا عاكسة ومتحركة، وحروف تتراقص على الخلفيات المتحركة وساعة تهيمن على الفضاء الذي يتحرك فيه الممثلون عقاربها تسير في الاتجاه المعاكس وتفضل بين كل لوحة ولوحة وبين مشهد ومشهد، تلك هي المفردات التي استعانت بها تونس آيت علي لتأخذ بيد المشاهد للعرض لتعينه على استيعاب عوالم صاحبت الثلاثية التي جعلت من لغتها رهان أدبها وشهرتها.
يقوم عرض “بدء” على محاولة مسرحة رواية ” فوضى الحواس” لكنها تأخذنا أيضا إلى عوالم “ذاكرة الجسد” و”الأسود يليق بك”، وتعالج قصة تدور زمن العشرية السوداء لكاتبة تعيش بين عالمين ورجلين، بين زوجها العسكري ذو النفوذ في أجهزة السلطة والذي يكبرها بسنوات وبين الصحفي الذي جاء بحثا عن اكتشاف أدبها فوقعت في حبه، وضمن هذه الثنائية يحاول العرض صناعة توازن بين استقلالية المرأة بعيدا عن التبعية المطلقة للرجل، وبين الاستغناء كلية عن الجنس الآخر في حياتها، خيار اعتبرته تونس ايت علي مقصودا في عرضها قائلة” أنا مناضلة نسوية ومناصرة لحرية واستقلالية المرأة لكني ليس للحد الذي يجعلني أرفع شعار استغناء النساء عن الرجال في حياتهن” لأن الحياة لا تقوم على رجل واحد.
كما فضلت صاحبة” ساكتة” الإبقاء على العربية الفصحى لغة للعمل مع تطعيمها ببعض العبارات من الدارجة مما خفف من ثقل الحوار.
واعترفت تونس آيت بصعوبة مسرحة نصوص مستغانمي لأنها لا تقترح قصة بل شذرات وأفكار من حكايات، بينما يقوم المسرح على الحركة والقصة لكنها في عرض “بدء” نجحت في الوفاء لأجواء وعوالم مستغانمي التي لا يمن قراءتها و استيعابها خارج اللغة.
للإشارة عرض” بدء” إنتاج المسرح الجهوي أم البواقي 2024، اقتباس فاتن قصار عن رواية أحلام مستغانمي” فوضى الحواس”، وتمثيل كل من هناء شابي وهشام بردوك وجلال درهمون، و كوريغرافيا يوسف مفتاح وموسيقى حسين سماتي.
