يحاول المخرج المسرحي عمر فطموش في عمله المسرحي “صحا لارتيست” المعروض، يوم الأحد 14 مارس 2021، خارج المنافسة في الدورة الـ 14 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، ملامسة الواقع المأساوي للفنان الجزائري، في ظل معاناته من متغيرات لا تخدم مساره بعكس ما تؤزمه وتدفعه لمغادرة بلده نحو الخارج بحثا عن مجد طال انتظاره وأفق آخر ليس بعيد المنال.
يلامس مونودرام “صحا لارتيست”، الذي يؤديه الممثل حسن عزازني، في مقاربة تقترب كثيرا من الواقع، معاناة الموسيقي في الجزائر والفنان بصفة عامة، فالمعوقات كثيرة والمستقبل غير واضح المعالم، وحتى المجتمع ينظر بعين دونية للفن، كل هذا يدفع الفنان نحو اليأس في وطنه والتوجه في رحلة نحو فرنسا، علّه يلقى مآلات أفضل. رحلة البحث عن ذات أخرى للفنان يؤثثها المخرج عمر فطموش بتكثيف سردي وحوار ذاتي وتغيير للشخوص ولكن المؤدي واحد، ويقترب كثيرا من الكوميديا السوداء، ويتماهى مع كل المراحل التي يمر بها الفنان في حياته، سواء رحلة الصعود والمجد والغربة ثم العودة.
جاء العرض مشبعا بلغة خطابية مباشرة وبسخرية خدمت النص في أحايين كثيرة، وخانته أحيانا أخرى، واقعا في فخ الفجاجة، وبينهم خيوط متمثلة في خيط آلة الكونترباص وخيط والقيثار وخيط الثقافة الغائب أو المغيب، في حين طغت الثقافة الاستهلاكية لكل ما يشبع البطن بعيدا عن ما يغني الفكر من فن وثقافة وتكوين، وطغيان الحسد والمحاباة والدوس على الآخر في هذا المجال.
دلالات كثيرة حملها عرض “صحا لارتيست”، أهمها عودة الفنان إلى بلاده وآلته الموسيقية “الكونترباص” داخل تابوت، في إشارة إلى موت الفن، وصرخة قوية لظروف الفنان ومعاناته الكبيرة في غياب قانون الفنان وغياب الجو اللائق للعمل، وعدم تواجد سوق للفن والعروض، بالإضافة لغياب ثقافة العرفان التي لن تتأتى إلا من خلال خوض التجارب في الخارج.
“صحا لاتريست” ميزة مرافقة موسيقية ثنائية، بين عرض الفنان الموسيقي الحاضر على الخشبة وتأديته لون الشعبي ومرافقة عن طريق شريط الصوت، وخيار الأغنية الشعبية ربطه المخرج لكون المسرح مرتبطا بالشعر الشعبي دائما وسيبقى كذلك.
فيصل شيباني