يستعد المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي لتنظيم أيام فكرية تحتفي برائد السينوغرافيا المعاصرة الفنان الجزائري الكبير عبد القادر فراح (1926-2005) وهذا خلال الفترة الممتدة ما بين 13-15 مارس المقبل.
تحت عنوان “عبد القادر فرح، سينوغرافي جزائري بفرقة شكسبير الملكية – البريطانية” يحتفي المسرح الوطني الجزائري على مدار ثلاثة أيام بهذا الرائد المعاصر في فن الديكور والسينوغرافيا من خلال مجموعة من الجلسات والفعاليات التي تغوص في تجربة الفقيد عبد القادر فراح الفنية ، وأيضا الحديث عن فن السينوغرافيا وعلاقتها بالديكور في المسرح وبقية فنون العرض وسيتدخل في هذه الأيام مجموعة من المختصين والمهنيين من الجزائر والخارج الذين عاشروا أو عملوا مع فراح ، هذا بالإضافة الى تنظيم معرض يتضمن تصاميم مختلفة التي أنتجت في المسرح الوطني الجزائري منذ عام 1963 الى غاية اليوم ، كما ستقام ورشات متخصصة في المجال وتقديم عروض ركحية.
وحسب المشرف العام على التظاهرة المخرج المسرحي زياني الشريف عياد….فإن تنظيم هذه الأيام يهدف الى رد الاعتبار لعبد القادر فراح ، الذي ورغم شهرته العالمية الكبيرة لم يبخل على بلده في تقديم العون والدعم للفنانين والمبدعين الجزائريين ، وكانت له العديد من المشاريع الواعدة التي لم تر النور .. لكن مع الأسف حسب المتحدث كانت هناك عدة مواعيد ضائعة مع هذا الفنان في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
وقال زياني أن الفقيد، أراد أن يقدم كل تراثه للمسرح الجزائري، وكان منغمسا في المشروع السينوغرافي المعاصر، كما وضع العديد من المشاريع المهمة وخاصة بالنسبة للتكوين في الميدان حيث عقد فراح عبد القادر عدة لقاءات بطلبة وأساتذة معهد برج الكيفان للفنون المسرحية آنذاك …كما عمل على مشروع آخر لإدراج فن السينوغرافيا في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة وفتح تخصص السينوغرافيا.
وكان الفقيد عبد القادر فراح يسعى إلى تحقيق هذا في الجزائر وطنه الأم، وأن يضع تجاربه وأعماله وخبرته لفائدة فناني بلده، وبالمناسبة فقد أهدى فراح تراثه الكبير من الكتب والأشرطة والرسومات وغيرها الى مؤسسة المسرح الوطني الجزائري بعد سنوات من العمل بفرقة شكسبير الملكية – البريطانية Royale Shakespeare Company وما احتله الرجل من مكانة مرموقة في أوربا والعالم بفضل إبداعاته وأعماله السينوغرافيا.
وفي رأي زياني أنّ أهم ما في مسيرة فراح، هو تراثه وأعماله الكبيرة ونظرتنا من خلالها للمستقبل الفني في هذا المجال ونحن نسعى -حسب المتحدث- من خلال هذه الأيام لمناقشة المفاهيم الجديدة لفن الديكور في العرض المسرحي، خاصة أننا نشهد منذ سنوات تحولا كبيرا في مفهوم الفضاء المسرحي، كما أن هنالك رؤية جديدة حول السينوغرافيا وهذا بفضل اندماج التقنيات الحديثة ومنها اللقاء بين الفضاءات والسينوغرافيا والديكور.
ويذكر أن عبد القادر فراح من مواليد 26 مارس 1926 بمنطقة قصر البخاري التابعة لولاية المدية، و كان منذ صباه هاويا للرسم، ذوّاقا للفن والآداب.
بدأ مساره الفني في سن الـ 16، حين خيّره والده إبراهيم بين السفر إلى القاهرة لدراسة اللغة العربية، أو الذهاب إلى أوروبا لدراسة الرسم، لكن والده توفي عام 1946، ولم يترك له ولإخوته سوى القليل مما لا يكفي للدراسة في أوروبا.
و أول من اجتذب فراح للعمل في المسرح، مخرج هولندي كلفه بتصميمات الديكور والملابس عام 1952 لأوبرا “شمشوم ودليلة” بمسرح أمستردام، وصارحه المخرج بأنّه اختاره لأنه يبحث عن فنان للتصميم يملك الخبرة بالصحراء وحياة البدو والتقاليد الشرقية، وله أسلوب جديد غير مألوف في أوروبا.
ومنذ تلك التجربة، وجد فراح نفسه أكثر انغماسا في العمل المسرحي وأقل إنتاجا في مجال الرسم، وتهاطلت عليه العروض الواحدة تلو الأخرى، وعُيّن أستاذا ورئيسا لأحد أقسام المركز الوطني الفرنسي للمسرح في الفترة بين 1955 و1961، وكان يتنقّل كثيرا بين فرنسا وانجلترا، ويقوم أحيانا بالتصميم لفرقة شكسبير الملكية، لكن السفر من فرنسا وإليها -كما قال فراح رحمه الله-أصبح كثير الصعوبة مع احتدام الثورة التحريرية.
في تلك الظروف دعاه الفنان الإنجليزي “بيتر هول” للالتحاق بفرقة شكسبير الملكية ومغادرة فرنسا نهائيا، وكان وقتها يصمم الملابس والديكور لمسرحية “بستان الكرز” للروسي “أنطون تشيخوف”، فقبل عبد القادر العرض وانتقل إلى انجلترا.
صمّم “فراح” ديكور وملابس عشرات المسرحيات في العالم من بينها المسرح الوطني الفرنسي بستراسبورغ وفرقة مكسيكية، فضلا عن عمله مع فرق من كندا، فيينا، انجلترا، هولندا، ألمانيا، إيطاليا، الولايات المتحدة الأمريكية، تونس وسويسرا، ونال أكبر الجوائز، علما أنّه رفض قبول جائزة وزارة الثقافة الفرنسية عام 1956 احتجاجا على فضائع الاحتلال الفرنسي بالجزائر.
تعامل فراح بذكاء وإبداع مع أكثر من 30 مخرجا أبرزهم “بيتر بروك”، وصمم أكثر من سبعين لوحة سينوغرافية في عدة دول منها: انجلترا، فرنسا، ايطاليا، ايرلندا، ألمانيا، تونس وأمريكا. ورحل الفنان عبد القادر فراح عن عالمنا يوم الثلاثاء 20 ديسمبر 2005 عن عمر يناهز 79 سنة.
شاهد أيضاً
برنامج الأعمال المسرحية للمسارح الجهوية بقاعة العروض “مصطفى كاتب”
تحت إشراف السيد وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة صورية مولوجي وفي إطار الإحتفالات بسبعينية إندلاع الثورة …