التجريب في المسرح الجزائري المعاصر.. استِعادة للذّائقة وأفق للرؤية

تنشيط أ. د. “ليلى بن عائشة”

بعد رحلة نيفت عن قرن من الممارسة والامتاع المسرحي في الجزائر فمن الطبيعي البحث عن صيغ جمالية جديدة تخرج عن القوالب التقليدية وتعطي ميلادا لأسلوب فرجوي يلبي حاجة المتلقي وفق استثناءات فنية وانتماءات جمالية على الغالب، لتتلخص في الأخير بما يصطلح عليه بالتجريب في المسرح، فحول هذا الموضوع كان منتدى المسرح الوطني الجزائري (TNA Forum) على موعد مع المتفاعلين على منصته الافتراضية بتنشيط أ. د. “ليلى بن عائشة”، حيث أشارت في مداخلتها الافتتاحية على أن التجريب كان ولا يزال ضالة الممارسين والمبدعين المسرحيين الذين ينشدون التفرّد، ويسعون إلى تكريس روح الابتكار والجدّة عن طريق فتح الأبواب الموصدة، في حرص منهم على اختبار آليات وأدوات التجربة المسرحية بشكل متواصل للحصول على الأفضل رغبة في الارتقاء بالفعل المسرحي، وإيجاد سبل فنية جديدة تختبر ذهن المتلقي وفكره، وتداعب خياله لتقحمه في التجربة المسرحية وتفتح مغاليق التواصل، بهدف السمو بالتجربة المسرحية.

وقد علّلت هذا الانزياح في الدراما نحو ابتكار سبل جديدة مردّه إلى أنّ المسرح الجزائري في مساره قائم على الرغبة المتواصلة للبحث عن الجدّة والتميّز، مثيرة خلال النقاش إلى مدى استطاع المسرحيون الجزائريون تكريس التجريب في إبداعاتهم، وحول التجارب الحديثة والمعاصرة التي تتجاوز الكائن إلى حدود ما هو ممكن مع قابليتها للتجدّد والتفاعل في ظلّ التجريب المستمر، وداعية إلى وضع خارطة جديدة لرسم ملامح المسرح الجزائري المعاصر… مُردفة في ذلك على ما سبق من استفهامات بالجزم على أنّه لا يمكن إدراج كل الإضافات التي تستحق أو لا تستحق تحت عباءة التجريب، بل إن العمل المسرحي الوحيد الذي يمكننا نعته بالتجريبي هو ذاك الذي يمكنه أن يستنبت تقاليد وقواعد تميّزه عن غيره، مؤكدّة على يأتي التجريب في المسرح على علم ودراية ووعي وليس هروبا من الحجة الفنية المقنعة على الركح جماليا وفنيا وتأويليا، موضّحة التجريب يرتبط بغايات فنية منذ بزوغ نجمه على أنقاض المدارس الجمالية الفنية التي كانت تفرض قواعد ثابتة، خلافا للتجريب الذي ينئ عن السائد والمألوف، كما لا يؤمن بالتقاليد القديمة بل يبحث عن الصيغ الجديدة والمبتكرة في الإنتاج المسرحي.

ليخلص المنتدى إلى أنّ مصطلح “التجريب” تتحدد معالمه وأهدافه بالحداثة والأساليب الإبداعية الجديدة على غرار “المسرح ما بعد الدراما” (ما بعد الحداثة)، وعلى أنّ المسرح التجريبي قام ويقوم على عدّة مبادئ؛ إذ يمكن له أن يوجد بِرسم نصه وعرضه كما يراد له لكن شريطة أن يخضع عمله لتخطيط واضح ومنطقي ينبثق عن حسن التصور والاختيار الذي يتمتع به صاحبه ولا يهم أن يبدو غريبا في البداية عن ذائقة المتلقي لأن كل جديد صادم، يبقى الأهم في العمل المسرحي التجريبي عموما أن يرتقي بالذوق الفني والجمالي للجمهور… وعلى أنّ التجارب المسرحية التي عرفها المسرح الجزائري الحديث على يد كوكبة من المبدعين المسرحيين كانت قائمة على دراسة استراتيجية التلقي وبخاصة تجربة مسرح “الحلقة” بين “ولد عبد الرحمان كاكي” وّ”عبد القادر علولة” هذا الذي ارتكزت تجربته على الاحتفاء بالمتلقي إضافة إلى مرتكزات أخرى…
                                                                                               – س. ب.

شاهد أيضاً

برنامج الأعمال المسرحية للمسارح الجهوية بقاعة العروض “مصطفى كاتب”

تحت إشراف السيد وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة صورية مولوجي وفي إطار الإحتفالات بسبعينية إندلاع الثورة …