استقبل المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي، يوم الخميس، ثاني عروض الأيام الوطنية للمسرح الأمازيغي، وهي مسرحية “ذكرى” تأليف وإخراج حمزة بوقير وإنتاج جمعية ثاغرمااغيل ناصر في بجاية، ويتناول هذا العمل موضوع الإنسان ونقد الذات، وتحدث عن نسيان الذاكرة ورجالها وأحداثها، إذ دعا المخرج في عمله هذا للعودة إلى التاريخ والاستفادة من الأخطاء، ومحاربة النسيان.
خلال ساعة من الزمن طرح المخرج حمزة بوقيرتصوره بخصوص موضوع يتسم بعمق كبير، يتعلق بالنسيان، وفي المسرحية يحيل بالمتلقي إلى نتائجه مباشرة على خشبة تعكس حالة الفوضى التي يعيشها المجتمع، الذي لم يرجع لخلفياته التاريخية ومرجعياته الاجتماعية، وأصبح الوضع كمن يعيش في بلده منفيا وسط مجتمع منفي كذلك.
اختار المخرج أربع شخصيات حساسة في المجتمع، لتكون محور الحديث وتناول المشاكل الاجتماعية في الحياة اليومية، وهم كيميائي وصحفية وطبيب والفنان، يقيمون في مستشفى بسبب مرضهم بفقدان الذاكرة، ثم ما يسترجعونها، ثم ينسون مرة ثانية، وهكذا دواليك، وهنا المخرج يعطي الأولوية في استرجاع الذاكرة للفنان، إذ يرى أن الفن من أهم المجالات التي يجب الاهتمام بها، إذ تطور تطور المجتمع الذي نحن فيه، وكذلك المجالات الأخرى التي يمثلها الشخصيات، الإعلام والطب والعلوم الدقيقة.
من الناحية الشكلية من الواضح أن أحداث المسرحية تقع في مستشفى وأن الشخصيات كلها مريضة، وأنها الفوضى العارمة التي ظهرت على السينوغرافيا لم تكن بالتوازن نفسه مع مضمون حديثهم لا يعكس جنونهم، كلامهم يضم أشعارا وحديث عقال، ثم أن الشكل وأداء الممثلين لم يستدع الإشارة صراحة إلى أنهم مرضى.
واعتمد المخرج على الشعر كلون أدبي في هذه المسرحية، بالنسبة له فإن الشعر دعامة لعمله كما هي في الحياة على حد قوله، وتأثره واضح بالأشعار القديمة لسي محند أو محند، ولونيس آيت منقلات وغيرهما، ويبرر استعماله للأشعار وكذلك الحكم والأمثال الشعبية، على أنها نوع من تكريم لأصحابها، وحتى لا ننسى الكلمات الجميلة والهادفة ذات المعنى العميق.
وأكد بوقير خلال نقاش عرضه المسرحي، أن المسرح الأمازيغي يعمل ليجد لنفسه مكانة في المسرح الجزائري، وهو في الطريق الصحيح، وهدفه الخروج من الفلكلور والنهوض بالمسرح الجزائري والأمازيغي بالخصوص، بإعطاء فرص للشباب، والعمل كله إبداع لم نأخذ من أي عمل آخر
و”ذكرى” أو “شفاوى” بالأمازيغية هو أيضا أول نص يؤلفه حمزة بوقير، بعد تجارب سابقة في اقتباس العديد من الكلاسيكيات قبل وصوله للنص التعبيري، وله عدة أعمال أخرجها.