ترك جيل كبير من الممثلات والممثلين بصمتهم في اغلب انتاجات المسرح الوطني الجزائري، واعتلى ركح بشطارزي وجوه وأسماء من أجيال مختلفة، وعن هؤلاء من ممثلين ومخرجين وسينوغرافيين… ستجدون في هذه الصفحة، بيوغرافيا فنية مختصرة تعرف بكل فنان ومشوار حياته وأهم أعماله.
بيوغرافيا فناني المسرح الوطني الجزائري:محي الدين بشطارزي (5 ديسمبر 1897 – 6 فيفري 1986)
ممثل – كاتب- فنان
يعرف محي الدين بشطارزي بكونه عميد الفن الجزائري، نظرا لعطاءاته الغزيرة في الغناء والمسرح والسينما والكتابة الركحية والتأليف الموسيقي.
وُلد بشطارزي في 15 ديسمبر 1897 بحي القصبة أعالي الجزائر العاصمة، وبدأ مسيرته كمُقرئ للقرآن الكريم في 15 من عمره، قبل أن يُصبح بفضل صوته الجميل رئيسا لمقرئي القرآن وسنه لم يتجاوز الـ 21 عاما، وليختار محي الدين بعد ذلك الانخراط في الجمعية الغنائية “المطربية” التي أصبح رئيسا لها سنة 1932، وانتقل الفنان بسرعة من أداء الأغاني الدينية إلى الأغاني العاطفية ما أدى بأهله إلى مقاطعته.
وسمح النشاط المكثف لبشطارزي بلمعان نجمه على الركح، حيث عرفت عروضه شهرة كبيرة، على غرار براعته في تقمص دور بطل مسرحية “في سبيل الوطن”، ولم يكتف بشطارزي بمزاوجته بين التمثيل والإخراج، إذ دعمهما أيضا بالكتابة، من خلال نصه “العلماء المزيفين”، ليقرر سنة 1930 تأسيس فرقته الخاصة “المسرح العربي”، قبل أن يُسند إليه منصب مدير القناة الموسيقية العربية لمدة سبع سنوات.
وعقب استقلال الجزائر، تولى بشطارزي ادارة معهد الفنون الجميلة، كما كتب عدة قطع موسيقية إلى جانب تدوين مذكراته في ثلاث مجلدات، ليودّع هذا العالم في السادس فيفري 1986 عن عمر يناهز 88 سنة.
تعدّدت مواهب بشطارزي، حيث مزج باقتدار بين الطرب والتمثيل، فهو ذو رصيد غنائي واسع، إضافة إلى كونه أحد أعمدة الفن السابع الجزائري وفنان سينمائي كوميدي شارك في العديد من الأفلام السينمائية.
ساهم بشطارزي في توعية الشعب الجزائري بأهمية الفن في المجتمع، كما أنه الوحيد الذي استطاع نقل المسرح إلى عمق المدن الجزائرية، حيث تجوّل بفرقته في كافة ربوع البلاد، أين ساهم في نشر الفكر المسرحي ومدّ جسور الفن الجزائري على الرغم من الظروف التي كانت تعرفها الجزائر إبّان فترة الاحتلال الفرنسي، وما شهدته من مخاطر.
وإضافة إلى المسرح، تحكّم بشطارزي في جميع الأنواع الموسيقية التقليدية من المدح والحوزي إلى العروبي والأندلسي، وهو ما عبّر عنه بجلاء من خلال تأليف أكثر من أربعمئة قطعة موسيقية، إضافة إلى اكتشافه مواهب شابة صنعت مجد الفن الجزائري لاحقا على غرار الراحلين “مصطفى سكندراني” و”الهاشمي قروابي” و”أحمد وهبي”… وغيرهم
وقدّم بشطارزي ما لا يقل عن مئة عمل مسرحي بين ركحي وإذاعي، ما جعله من أكثر الفنانين الذين قدموا أعمالا ضخمة في تاريخ المسرح الجزائري، ويعد بشتارزي رجلا معاصرا متفتحا على الآخرين، بجانب إحترافيته وصرامته في العمل ومقاربته العلمية للفن، وهو ما جعله يتخلص من رقابة الإدارة الاستعمارية على أعماله في ثلاثينات وأربعينيات القرن الماضي.
ويروي معاصروه أنّ المسرح أخذ شكلا جميلا وسلسا مع بشتارزي ما جعل الناس يتقبلونه بسهولة ويقبلون عليه، كما يؤكدون على أنّ “بشطارزي” أكمل مسيرة مؤسس المسرح الجزائري “علي سلالي” المكنّى (علالو). فقد أحدث بشتارزي قطيعة مع الشكل القديم للمسرح الجزائري القائم على الاقتباس، كما لعب دورا كبيرا في إدماج المرأة في المسرح، لا سيما الفنانات كلثوم، لطيفة، نورة، نورية، فضلا عن المطربة فضيلة الجزائرية.