صور العرض الفني ” القمران” لجمهور المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي، سهرة يوم الخميس 23 ماي 2024، أجواء من الحضارات القديمة العربية والغربية عبر توأمة فنية جزائرية إيطالية بقيادة المايسترو داميانو جيورانا، من تنظيم المعهد الثقافي للسفارة الإيطالية بالجزائر.
يبدا العرض باستلام “شهرزاد” مهمة اقناع السلطان بتغيير رأيه والعدول عن فكرة الانتقام من النساء بسبب تعرضه للخيانة سابقا، ترافقها في مهمتها “الفرقة العالمية للشباب” الإيطالية التي عزفت أنغام موسيقية هادئة من التراث المغاربي والعربي الأندلسي والإيطالي.
تطل الشخصيتان الرئيسيتان الجزائرية “سارة مزي” والإيطالية “فاليريا المريقي” في ثوبين تاريخيين تمثل كل منهما حضارة معينة مثل “القمران” يشع ضوءهما على ركح محي الدين بشطارزي، فتتقمص الأولى دور شهرزاد وهي مرتدية زيا تقليديا فاخرا مطرزا بالمجوهرات الثمينة لتسرد ببراعة فائقة واحدة من أشهر الروايات المستنبطة من الخيال الشعبي “ألف ليلة وليلة”، ثم يحين دور “فاليريا المريقي” فتجول بزيها الغربي بين الأرجاء لتلقي قصائد من التراث الإيطالي على مسامع جمهور القاعة التي امتلأت بمحبي الحكايات والفن العريق، محاولة طي المسافات بين الحضارات العربية والغربية رغم دنوها وضخ الحياة في بعض المواضيع المتجذرة في عمق الحضارتين، كالجمال والمعرفة والحكمة والحب، ثم يدور العرض بين الفنانتين في إطار فني جميل عمره ساعة ونصف من الزمن.
بدءا بقصة “العفريتة ميمونة” والحادثة التي جمعتها بقمر الزمان تبث “سارة مزي” الروح في موروث أدبي عربي قديم، على طريقة الجدات، معتمدة في ذلك على لغة روائية تواكب العصر الذي تحكي عنه، وشغف يعكس حجم سعادتها باعتلاء خشبة المسرح الوطني الجزائري، وهي العائدة إلى أرض الوطن بعد غياب دام ست سنوات على حد قولها.
فجأة يتبدد سكون قاعة المسرح الوطني الجزائري بين الحين والآخر بمقاطع من موشحات أندلسية شهيرة على غرار “لما بدا يتثنى” كفاصل غنائي بين حيثيات القصة التي روتها شهرزاد للملك شهريار من الليلة الأولى بعد المائتين إلى الليلة الرابعة والعشرين بعد المائتين في الرواية الأصلية.
من جهته قال السفير الايطالي في الجزائر ألبيرتو كوتيلو أن هذا التزاوج الحضاري الجميل الذي قدمه العرض الفني “القمران” يستمد وهجه من عمق الحضارات العربية والإيطالية على مر التاريخ، مضيفا أن استضافة الجزائر لمثل هذا الحدث الثقافي الهام يزيد من روابط التوافق الثقافي والفني بين البلدين.